الثلاثاء، 12 يونيو 2012

التفكير الطائفي في الأزمات السياسية

ما أن تحصل مشكلة سياسية، ويكون أحد طرفيها من مذهب مختلف حتى يتم تجيير الحادثة إلى صراع بين الطائفتين، ويتم تهييج المجتمعات العربية لتدخل في أتون الصراع 
المميت والذي يذهب فيه عدد من الضحايا من كلا الطرفين.
كما أن السياسات العربية تحاول استغلال الاختلاف الطائفي لخلق حالات تأزمية بين الأطياف لكي تبقى الفرص أوسع في قمع المخالف أو الأحزاب المعارضة، ومن ثم تصبح هناك مشروعية دينية وسياسية للقمع، وطبيعة الجماهير تسير بشكل تلقائي إلى الهياج، فهي وقود السياسات سواء كانت سياسات غالبة أو معارضة وسواء كانت دينية أو وطنية.
وفي الأزمات السياسية يتم تغييب التساؤلات النقدية تجاه المفاهيم السياسية العامة أو مدى حقيقة الحروب السياسية بين الأطياف المختلفة بحيث يمكن للسياسيين أو يحولوا المسألة من حرب سياسية وتوازن قوى إلى حرب طائفية تجر المنطقة إلى ويلات كبيرة.
وفيما يخص الحالة السورية، فإن الثوار يشكلون أطياف المجتمع بما فيهم المسيحيون حيث يدعم مسيحيو سوريا الثورة، لكن هذا يغيب تماما في ذهن الناس لتكون الحرب بين الطائفة السنية بوصفها ممثلة الثوار كاملا، وحزب البعث بوصفه تمثيلا عن الطائفة العلوية كاملة، وهذا التقسيم الحدي يبدو متعمدا لمكاسب سياسية وطائفية محددة سواء من قبل النظام البعثي الإجرامي ومن يدعمه، أو من قبل الدول التي تدعم الثورة، في حين أن حقيقة الأزمة متداخلة بين هذه الأطياف كلها، وهنا يذهب ضحايا الوطنيين الذي لا يشتركون في الرؤية الإسلامية، ولكنهم يدعمون الثورة ومنخرطين فيها، سدى لصالح أحزاب أخرى قد تشكل أكثرية السوريين، لكنها بالتأكيد ليست كل السوريين، وكما قلنا فيما سبق: فإن الثورة هي ثورة الشعب للشعب والإنسان السوري للإنسان السوري، بغض النظر عن دينه ومذهبه، وإذا كان نظام الأسد الإجرامي قد نجح في جر الأزمة إلى حرب طائفية، فعلى الثوار ألا ينجروا إليها، ويتنبهوا لها، لأنها ستقود إلى أتون حرب أهلية طويلة المدى الخاسر فيها جميع الأطراف بلا استثناء.


عكاظ السعودية
شتيوي الغيثي 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

يسعدني وضع بصمتك هنا