كتب/ عبد الباري عطوان
تعب الشعب السوري من المؤتمرات والخطابات والخلافات بأنواعها شتى. مؤتمر
للمعارضة في القاهرة لتوزيع المناصب، وآخر في جنيف لوضع خريطة طريق لمرحلة
ما بعد سقوط النظام، وثالث بعد ايام في باريس لأصدقاء سورية، بينما يتواصل
سفك الدماء، وتصل معدلات القتلى الى اكثر من مئة انسان بريء يوميا.
مؤتمر المعارضة السورية في القاهرة جاء فضيحة للمعارضة والجامعة العربية
معا، وافضل هدية للنظام السوري، فالخلافات بين الحاضرين والمشاركين كانت
اكبر من خلافاتهم وكراهيتهم للنظام الذي يريدون اسقاطه، والانسحابات لم
تتوقف، وابرزها من الجيش السوري الحر، والهيئة العامة للثورة، وهما
الفصيلان الوحيدان تقريبا اللذان لهما وجود على الارض، ويقاتل انصارهما
النظام. اما معظم الباقين فهم ظاهرة تلفزيونية فقط.
السلاح يتدفق على النظام والمعارضة المقاتلة في سورية، مثلما تتدفق
الملايين، ان لم تكن المليارات على مجموعات في الخارج ركبت قطار الثورة
متأخرة، وهذا التدخل الخارجي سواء من الروس والصينيين من ناحية، وامريكا
ودول خليجية من الناحية المقابلة، يصبّ الزيت على نار حرب اهلية طائفية
تزداد ضراوة يوما بعد يوم، ويودي بحياة المئات يوميا.
جميع الحلول المطروحة بما في ذلك مبادرتا كوفي عنان المبعوث الدولي، لم
تحقق غير الفشل والمزيد من سفك الدماء، والشعب السوري الجائع المشرد
والمحاصر من قبل النظام وحلوله الامنية التدميرية، هو الذي يدفع الثمن من
دمه وأمنه واستقراره.
في ظل غابة الفشل هذه لا بدّ من البحث عن مبادرات ومخارج جديدة من هذه المتاهة الدموية، ولم يبق امامنا غير مصر التي ظلت وحتى هذه اللحظة، طرفا مستقلا في هذه الأزمة.
في ظل غابة الفشل هذه لا بدّ من البحث عن مبادرات ومخارج جديدة من هذه المتاهة الدموية، ولم يبق امامنا غير مصر التي ظلت وحتى هذه اللحظة، طرفا مستقلا في هذه الأزمة.
مصر الثورة والدولة العربية الاكبر، قد تكون هي الحل، وعجلة الانقاذ
الوحيدة في ظل هذا المحيط الكبير من الفشل على الصعيدين الاقليمي والدولي
في آن، لما تتمتع به من مكانة وعلاقات تاريخية استراتيجية مع سورية، تبلورت
في نشوء امبراطوريات وتحرير القدس وهزيمة الصليبيين.
ما كنا نطالب مصر بالتدخل في سورية كوسيط قبل اسبوع فقط، لأنها كانت منشغلة
بمعركة انتخابات الرئاسة، وحسم هوية الرئيس الجديد، وكيفية اداء القسم
الدستوري بعد ذلك، ولكن الآن، وبعد ان جرى حسم جميع هذه القضايا بطريقة
حضارية اظهرت عظمة هذا البلد وشعبه، نجد لزاما علينا ان نستنجد بهذا
العملاق الذي تخلص من اغلال الفساد والديكتاتورية، لاخراج المنطقة بأسرها
من هذا المأزق السوري وحقن دماء شعب عربي اصيل يتطلع الى الحرية والكرامة.
فإذا كانت الدول الخليجية تقدمت بمبادرة لانقـــــاذ اليمن من
الديكــــتاتورية والفساد، وتحقيق التغـــيير الديمقــــراطي، ولو
جزئــــيا على الاقـــل، فلماذا لا تتقدم مصــر بمبادرة مماثــلة في سورية،
وهي التي تــملك عــــلاقات جـــــيدة مع روسيا والصين من ناحية،والولايات
المتحدة ودول اوروبا من ناحية اخرى.
الجامعة العربية تعرضت لمحاولة اختــــطاف، وباتت طرفــــا غــــير محايد في هذه الأزمة، والشيء نفسه يقال عن بعـــض دول الخلـــيج التي تفتح خزائنها المالية وترساناتها العسكرية لارسال السلاح الى سورية، وكذا الحال بالنسبة الى روسيا وامريكا، ولذلك فإن مصر هي الخيار الذي لم يجرب حتى الآن.
الجامعة العربية تعرضت لمحاولة اختــــطاف، وباتت طرفــــا غــــير محايد في هذه الأزمة، والشيء نفسه يقال عن بعـــض دول الخلـــيج التي تفتح خزائنها المالية وترساناتها العسكرية لارسال السلاح الى سورية، وكذا الحال بالنسبة الى روسيا وامريكا، ولذلك فإن مصر هي الخيار الذي لم يجرب حتى الآن.
صحيفة 'البعث' السورية عكست في افتتاحية نشرتها يوم امس، ردا على كلمة
للدكتور محمد مرسي رئيــــس مصـــر الجـــديد، مدى ضيق أفــــق المؤسسة
السورية الحاكمة، وتسرعها في اطلاق الاحكام وخلق الأعداء قبل استيضاح
الأمور. وهذا موقف ليس مفاجئا على اي حال، فمتى كانت مواقف هذه المؤسسة
تتسم بالحكمة، ولو كانت كذلك لما وصلت سورية الى ما وصلت اليه من حمامات
دماء وتفكك جغرافي ومجتمعي على اسس الطائفية البغيضة.
الدكتور مرسي لم يجاف الحقيقة، ولم يخرج عن النص عندما قال 'ان التزامنا الاخلاقي وواجبنا القومي يحتم علينا الرفض القاطع لقمع الشعب السوري'. واضاف 'ان مصر لا تقبل استمرار حمام الدم في سورية، واستمرار القمع الوحشي للمدنيين بمن فيهم النساء، ولا تقبل ان يرتبط الوضع في سورية بحسابات قوى دولية تسجل نقاطا في مواجهة دول اخرى'.
الدكتور مرسي لم يجاف الحقيقة، ولم يخرج عن النص عندما قال 'ان التزامنا الاخلاقي وواجبنا القومي يحتم علينا الرفض القاطع لقمع الشعب السوري'. واضاف 'ان مصر لا تقبل استمرار حمام الدم في سورية، واستمرار القمع الوحشي للمدنيين بمن فيهم النساء، ولا تقبل ان يرتبط الوضع في سورية بحسابات قوى دولية تسجل نقاطا في مواجهة دول اخرى'.
لا خلاف معه حول كل كلمة وردت في خطابه، قالقمع في سورية حقيقة اعترف بها
النظام نفسه، ووقف حمام الدم مطلب الجميع في كل الخنادق المتواجهة في
الأزمة السورية، فلماذا تنتقد الصحيفة الناطقة باسم الحزب الحاكم مثل هذه
البديهيات التي اتى بها اول رئيس منتخب في تاريخ مصر الممتد منذ ثمانية
آلاف عام.
صحيفة النظام السوري تأخذ على الدكتور مرسي عدم معارضته للتدخل الخارجي،
وهذا امر ينطوي على مغالطة كبيرة وعدم قراءة الامور قراءة صحيحة، ودليلنا
قوله،اي الدكتور مرسي، في الخطاب نفسه 'لا نقبل ان يرتبط الوضع في سورية
بحسابات قوى دولية تسجل نقاطا في مواجهة دول اخرى'.
الحكمة تقتضي ان يتريث النظام السوري خاصة ان رئيس مصر الجديد لم يجلس على كرسي العرش الا قبل خمسة ايام فقط، ولم يتأقلم مع وضعه الجديد بعد، ولكنه نظام يعتبر الأسرع في العالم في كسب الاعداء.
الدكتور مرسي ربما كان يتحدث بلغة حزبية اخوانية، وهذا ليس مستغربا بسبب حداثته بل تفاجئه بتولي هذا المنصب، ولكنه الآن اصبح رئيسا لمصر بكل الوان طيفها، وبات يقدم مصالحها وطموحاتها كدولة كبرى على مصالح الحركة التي كان ينتمي اليها، اوهكذا نعتقد.
مصر وبعد ان خرجت من نفق الديكتاتورية والفساد وجسّدت التحول الديمقراطي في انصع صوره الحضارية، يجب ان تستعيد دورها القيادي والريادي في المنطقة، بعد ان سطا عليه الكثيرون دون حق او استحقاق، واول خطوة في هذا الاتجاه التقدم بمبادرة لإنقاذ سورية وشعبها من حمام الدماء الذي تعيشه حاليا، وهي الاكثر تأهيلا في هذا المضمار، فهل تفعلها مصر الجديدة؟ هذا ما نصلي من اجله.
الدكتور مرسي حدد ملامح مبادرته التي نأمل ان يسارع بإطلاقها بشكل دقيق وبنظرة مسؤولة وثاقبة عندما قال ان المطلوب هو حل سياسي يحقق مطالب الشعب السوري، ويجنب سورية التقسيم والتدخل الخارجي، ويؤسس لمصالحة وطنية حقيقية.
لو كنت مكان الرئيس الاسد لوجهت رسالة شكر حارة الى الرئيس المصري الجديد والمنتخب على هذه الكلمات التي تجسد الحرص على سورية والمخرج الامثل من الكارثة التي تعيشها، ولكنني ولله الحمد لست في مكانه ولن اكون، ولا اريد ان اكون، وكذلك حال الملايين مثلي.
الحكمة تقتضي ان يتريث النظام السوري خاصة ان رئيس مصر الجديد لم يجلس على كرسي العرش الا قبل خمسة ايام فقط، ولم يتأقلم مع وضعه الجديد بعد، ولكنه نظام يعتبر الأسرع في العالم في كسب الاعداء.
الدكتور مرسي ربما كان يتحدث بلغة حزبية اخوانية، وهذا ليس مستغربا بسبب حداثته بل تفاجئه بتولي هذا المنصب، ولكنه الآن اصبح رئيسا لمصر بكل الوان طيفها، وبات يقدم مصالحها وطموحاتها كدولة كبرى على مصالح الحركة التي كان ينتمي اليها، اوهكذا نعتقد.
مصر وبعد ان خرجت من نفق الديكتاتورية والفساد وجسّدت التحول الديمقراطي في انصع صوره الحضارية، يجب ان تستعيد دورها القيادي والريادي في المنطقة، بعد ان سطا عليه الكثيرون دون حق او استحقاق، واول خطوة في هذا الاتجاه التقدم بمبادرة لإنقاذ سورية وشعبها من حمام الدماء الذي تعيشه حاليا، وهي الاكثر تأهيلا في هذا المضمار، فهل تفعلها مصر الجديدة؟ هذا ما نصلي من اجله.
الدكتور مرسي حدد ملامح مبادرته التي نأمل ان يسارع بإطلاقها بشكل دقيق وبنظرة مسؤولة وثاقبة عندما قال ان المطلوب هو حل سياسي يحقق مطالب الشعب السوري، ويجنب سورية التقسيم والتدخل الخارجي، ويؤسس لمصالحة وطنية حقيقية.
لو كنت مكان الرئيس الاسد لوجهت رسالة شكر حارة الى الرئيس المصري الجديد والمنتخب على هذه الكلمات التي تجسد الحرص على سورية والمخرج الامثل من الكارثة التي تعيشها، ولكنني ولله الحمد لست في مكانه ولن اكون، ولا اريد ان اكون، وكذلك حال الملايين مثلي.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
يسعدني وضع بصمتك هنا